صور من حياة القرى قبل الأمن والاستقرار

جريدة الجزيرة إعداد: العميد الركن المتقاعد مشوِّح بن عبدالرحمن بن سعد المشوِّح -

قابلت معدّ هذا الكتاب في أحد ملتقيات خميسية حمد الجاسر رحمه الله لأول مرة ففاجأني بإهدائي كتابه هذا، وذلك في عام 1325هـ أو 1326هـ لم أعد أذكر.

وضعت الكتاب في موضعه في رفوف (المؤلفات المحلية)، وسجلته في فهرس المكتبة ثم اتصل بي (جزاه الله خيرا) وذكر أنه ألف كتابا آخر ويريد تقديمه لي (إطلالة على التراث الشعبي).

فتذكرت كتابه الأول، ولما رجعت له لم أجده في مكانه، ويظهر أني أخرجته لأقرأه أو لأكتب عنه فلم أجده، لأنه اندس بين الكتب والأوراق والقصاصات. وقد استعنت بالمؤلف ليعوضني بنسخة أخرى مع الكتاب الجديد.

وهذا ما كان. والمؤلف من البرود في إقليم السر بلدة حمد الجاسر رحمه الله وكان درس فيها وأنشأ مستوصفا على نفقته، وهي أيضا بلدة بعض المشاهير.

والكتاب إياه- في 233 صفحة، ولم يذكر تاريخ طباعته، إلا أن الأستاذ المحقق النسابة خبير الوثائق فايز بن موسى البدراني الحربي الذي قدم للكتاب في 4 صفحات أرخ ذلك في شهر رمضان 1425هـ، والذين قرظوا الكتاب (ناهض بن عبدالعزيز الناهض بندر بن عبدالعزيز الفرم/ عبدالله بن رداس) كان تاريخ خطاباتهم للمؤلف 1426هـ.

في الغلاف الأخير من الكتاب معلومات عن المؤلف، ورُتَبِه ودراساته العسكرية في الولايات المتحدة.

ومن فهارس الكتاب تتبين أهميته، وما فيه من موضوعات تاريخية هامة. ومنها:

- البرود

- وقعة الشريف عبدالعزيز

- نبذة عن أسرة آل مشوح

- (شرقة) إحدى قرى أو مزارع البرود

- الراوي سعد بن علي المشوح (جد المؤلف)

- صور من حياة الجوع والخوف

أ*- حالة نجد قبل عهد الملك عبدالعزيز كما وصفها الراوي

ب*- بعض الحوادث التي وقعت للراوي

1- مشاركته مع عمه في الدفاع عن مزارعهم

2- سنة عجاجان

3- الدويش

4- الضيط

5- في روضة الوشيين

6- الصيد.. في الغربة

7- استغاثة

8- حادثة في الصحراء

ج- قصص وحكايات متنوعة عن الراوي

1- ابن راشد

2- سيف بن حمدان

3- استرداد أهل البرود لأغنامهم

4- ثأر قديم

5- محمد الحفري الشيباني

6- أبو محمل.. رجل نادر

7- السلمي

8- العسكري

د- روايات الراوي ومحفوظاته عن الشعراء

1- محمد أبو ونيان

2- لويحان في الرواية معلومات جديدة ومهمة ليست في ديوانه

3- عبدالله بن دويرج في الرواية معلومات جديدة ومهمة ليست في ديوانه

هـ - مشاركات الراوي مع جند الموحد

1- معركة فيضة السر

2- مشاركته في حصار مدينة جدة، ومعلومات (لو يوردها غيره).

و- موقفه من حركة الإخوان

ز- قصص مختارة

1- صفوق بن مضيان

2- شقيران أبا الحصين

3- كرم وشهامة

ح- من أحاديث السمر والشعر

1- الشاعرة حصة العبدالله النوفل

2- رثاء

3- هجاء

4- هجاء

5- نهار الطويل

6- الشاعر نايف بن زابن المعمري الحربي

ط- حكايات مغرقة في الخيال (أساطير) (سباحين).

1- جري وليلى

2- رمح الجُميلات في فرسهم

3- ذو الحظ التعيس

ي- خطابات يعتز بها

وقد أورد المؤلف في كتابه قصيدة بصري الوضيحي الطريفة الجميلة التي مطلعها:

التايه اللي جاب بصري يِقِنِّهْ

جدّد جروح العَود والعَود قاضي

كما أورد هذه القصة الواقعية (الطرفة)، بعد تمني الوضيحي في قصيدة أخرى ((تمنى شاعر مثل أمنية بصري، فأعطي ما طلبه في قصيدته، وغزا مع القوم وانهزم قبلهم، وعاد إلى أهله قائلا إنه شريدة من وراه (أي لم ينج غيره) وقتل الباقون عن بكرة أبيهم (وأمهم)، وأخبروا رجلا كبير السن بالأمر، فطلب مقابلته لأخذ التفاصيل، وأعاد على أسماعه القصة فقال كبير السن: (يا مجافي المحن.. لا حول ولا قوة إلا بالله)، فقال حتى مجافي المحن رأيته بأم عيني والقوم يطاردونه ويحاصرونه تحت سفح جبل ويقطعون رأسه، فقال الشيخ: أبشروا برجالكم، وفعلا عاد الغزو بعد أن فقدوا بعض رجالهم.

وقول الشيخ (يا مجافي المحن) دعاء بأن يكفيهم الله شر المحن مثل (يا أمان الخائفين) ونحوها.

ومثل هذه القصة طرفة أو قصة لمواطنَيْن ذهبا لدولة عربية ولما ركبا سيارة الأجرة أخذ السائق يتكلم عن المملكة والمدن التي زارها وبقي فيها سنوات للعمل، وهنا قال أحدهما لصاحبه: هذا يعرف المملكة (رحنا وطي)، فبادر السائق قائلا: الله يا وطي هذه جميلة جدا جلست فيها خمس سنوات!!

فوائد الكتاب

وفي الكتاب متعة وفوائد كثيرة، وبالذات في التاريخ، والاعتبار بما واجهه آباؤنا وأجدادنا، وعلى الأخص في هذه المنطقة التي تحدث عنها المؤلف من شظف العيش والجوع والخوف من قطاع الطرق (الحنشل).

وفي الكتاب قصص بطولة وشجاعة وإقدام لبعض أبطاله، وفيه من قصص الظلم والبطر والاعتداء الشيء الكثير والمخيف.

أخطاء بسيطة

وفي الكتاب بعض بعض الهنّات البسيطة التي (لا تضره) كقول المؤلف (يرحمه الله) بدل (رحمه الله)، وقد بعثت له ما قاله بعض علمائنا في الدين واللغة حول ذلك، ومنهم أبو عبدالرحمن بن عقيل ود. عبدالعزيز الخويطر وحمد الجاسر وأبو زكريا شمسان وتعليقي وتعليق أبي بدر حمد القاضي على الموضوع. وكذلك بعض الأخطاء اللغوية والنحوية والمطبعية القليلة.

تهنئة للأستاذ مشوح بهذا الجهد، وغفر الله لأولئك الشجعان الكرماء الذين قابلوا تلك الحياة الشاقة بصبر وإيمان، وواجهوا تلك الحوادث بشجاعة نادرة والله المستعان.

ولا أنسى ما في الكتاب من وثائق نادرة تعزز بعض ما جاء فيه، وتزيد من أهميته.

طرائف.. من الكتاب

وفي الكتاب صور جميلة نادرة لبعض قصور وبيوت وحصون.

ومن طرائفه: ما حصل للشاعر لويحان من العوز والفقر والجوع ص158.

وكذلك الطرفة التي أوردتها قبل قليل عن الذي زعم أنه شريدة الغزو.

وفي إحدى الوثائق (رهنه في ذلك الثور الأسود، والحمار الأشهب).

ورجل سرق فرسا وانطلق بها، وطول الليل وهو يسير، وقد فقد القدرة على تحديد الإتجاه، ((ويقال عمن يصاب بذلك إنه (انَّجَمْ)، ومع بزوغ الفجر إذا بالفرس تقف به أمام مربطها الذي سرقها منه، فنزل وهرب، ولحسن حظه لم يلاحظه أحد.

والآتي ليس طرفة بل مأساة وظلم فقد مرّ قوم من الغزاة (الحنشل) على رجل قروي معه حماران على كل واحد قربتي (قربتا) ماء عذب، فأخذوهما على الرغم من توسلاته بأن يأخذوا حمارا ويتركوا له الآخر، لأن خلفه من هو بأمس الحاجة للماء الذي عليه من الأطفال والنساء وكبار السن، فرفضوا طلبه، وهنا رفع يده ودعا عليهم، فاستجيبت دعوته، وقابلوا من قتل معظمهم ص195.

وكذلك ما جرى لسعد بن مشوح مع الذئب وهو يصيد القطا:

(بكيت على سرب القطا إذ مررن بي

فقلت ومثلي بالبكاء جدير

أبيات هذا المطلع جميلة للأستاذ قيس بن الملوح العامري رحمه الله وعفا عن والد ليلى الذي حرمه منها وحرمها منه، فجرى ما جرى (يا هلي).

وإلى اللقاء مع كتب أخرى أو أُخر.